المعلومات الموثقة عن تلك الفترة من تاريخ أوروبا، وتحديدًا ما جرى للمسلمين بعد سقوط الأندلس، وهو جانب مظلم من التاريخ الأوروبي تم تجاهله أو تهميشه في كثير من الأحيان.
1.
سقوط الأندلس (1492م):
سقطت غرناطة، آخر معقل للمسلمين في الأندلس، في يد الملكين الكاثوليكيين فرناندو الثاني من أراغون وإيزابيلا الأولى من قشتالة عام 1492م، بعد معاهدة أُبرمت مع آخر ملوك بني الأحمر، أبو عبد الله الصغير.
المعاهدة تضمنت شروطًا تضمن حرية المسلمين في ممارسة دينهم، وحرمة المساجد، والحفاظ على ممتلكاتهم، ولكن هذه الشروط لم تُحترم لفترة طويلة.
2.
النكث بالمعاهدات وبدء القمع (1499م فصاعدًا):
بدأت عمليات التنصير القسري للمسلمين (والمعروفين لاحقًا باسم “الموريسكيين”) في أواخر القرن الخامس عشر.
الكاردينال فرانثيسكو خيمينيث دي سيسنيروس (Cisneros) قاد حملة عنيفة لتنصير المسلمين في غرناطة، وتم خلالها:
حرق المصاحف والكتب الإسلامية.
إغلاق المساجد.
تعذيب كل من يرفض التعميد والتنصّر.
من رفض التنصّر، كان يُعذّب، يُسجن أو يُقتل.
3.
محاكم التفتيش (Inquisición):
أنشئت محاكم التفتيش الإسبانية أساسًا لاستهداف اليهود والمسلمين المتنصرين الذين يُشتبه في أنهم لا يزالون يعتنقون ديانتهم سرًا.
كانت هذه المحاكم تمارس:
التعذيب الوحشي لاستخراج “اعترافات”.
إصدار أحكام الإعدام حرقًا في الساحات العامة.
مصادر الممتلكات، وتشريد الأسر، ونفيها.
استخدمت وسائل مثل عجلة التعذيب، المقصلة، القيد بالحديد، الحرق البطيء وغيرها.
4.
الثورات والقمع:
قام الموريسكيون بعدة انتفاضات، أشهرها:
ثورة البشرات الأولى والثانية (1568–1571) في جبال الألبوجاراس، جنوب غرناطة.
واجهتها الدولة الإسبانية بقوة همجية، وقُتل عشرات الآلاف، وهُجّر الآلاف قسرًا من قراهم.
5.
الطرد النهائي (1609–1614):
الملك فيليب الثالث أمر بطرد جميع الموريسكيين من إسبانيا.
تم ترحيل ما يُقدّر بـ 300,000 إلى 500,000 مسلم إلى شمال إفريقيا، في ظروف قاسية، مات فيها كثيرون في الطريق أو في المنفى.
الخلاصة:
الفترة التي أعقبت سقوط الأندلس شهدت واحدة من أقسى موجات القمع الديني والعرقي في التاريخ الأوروبي. تعرض المسلمون في إسبانيا:
للتعذيب والقتل والاضطهاد الديني.
لفقدان هويتهم، وثقافتهم، وممتلكاتهم.
للتهجير القسري بعد قرن من المعاناة.
قائمة كتب ومراجع تتناول هذه الفترة بالتفصيل.
إليك قائمة بأهم الكتب والمراجع الموثوقة التي تتناول بالتفصيل تاريخ تعذيب واضطهاد المسلمين في إسبانيا بعد سقوط الأندلس:
📚 كتب ومراجع عربية:
“الاحتلال الإسباني للأندلس وسقوط غرناطة” – د. حسين مؤنس
دراسة تاريخية تحليلية شاملة لتاريخ الأندلس وسقوطها وتبعات الاحتلال الإسباني.
“الموريسكيون: المسلمون المنسيّون في الأندلس” – علي الجليلي
يتناول أوضاع المسلمين بعد التنصير القسري ومحاكم التفتيش وحتى الطرد النهائي.
“محاكم التفتيش: الإرهاب المقدس في إسبانيا” – د. سهيل زكار
تحليل تفصيلي لمحاكم التفتيش الإسبانية وجرائمها ضد المسلمين واليهود.
“تاريخ الأندلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة” – عبد الرحمن علي الحجي
مرجع موثق، يسلط الضوء على العصور المتأخرة والصراع الديني بعد السقوط.
“محاكم التفتيش الإسبانية” – ترجمة عن الأصل الإسباني، إعداد المجلس الأعلى للثقافة (مصر)
وثائق تاريخية مترجمة تعطي نظرة من داخل المؤسسة القمعية نفسها.
📘 كتب ومراجع أجنبية (ممكن قراءتها بالإنجليزية أو الإسبانية):
“The Spanish Inquisition: A Historical Revision” – Henry Kamen
من أشهر الكتب الأكاديمية، يشرح بالتفصيل آلية محاكم التفتيش والضحايا.
“Blood and Faith: The Purging of Muslim Spain” – Matthew Carr
يتناول كيف تم اضطهاد المسلمين الإسبان بعد 1492 حتى الطرد النهائي.
“The Moriscos: Expulsion and Diaspora” – Mercedes García-Arenal (Editor)
كتاب علمي جماعي يوثق حياة الموريسكيين وظروف طردهم.
“Christianity and Islam in Spain (756–1031)” – C. R. Haines
يركز على العلاقات الدينية في الأندلس قبل السقوط، ويمهد لفهم ما حصل بعده.
🏛️ أرشيفات ووثائق تاريخية:
وثائق غرناطة (Capitulaciones de Granada): شروط تسليم المدينة، وهي من أوضح الأمثلة على نكث العهود.
محاضر محاكم التفتيش: متوفرة في الأرشيف الوطني الإسباني وتُظهر بوضوح أساليب التعذيب والاتهامات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك