الحرب التي لا يتمناها الجميع: ماذا لو اندلعت حرب بين مصر وإسرائيل؟
منذ توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، شهدت المنطقة استقرارًا نسبيًا في العلاقات بين الطرفين، رغم بعض التوترات العرضية. ومع تصاعد التوترات الإقليمية والصراعات في الشرق الأوسط، يعود التساؤل بين الحين والآخر: ماذا لو اندلعت حرب بين مصر وإسرائيل؟ وهل العالم مستعد لتحمّل نتائجها؟
هذه الفرضية لا يتمناها أحد، لكنها تظل سيناريو قائمًا في الحسابات العسكرية والاستراتيجية. نستعرض في هذا المقال الأسباب المحتملة، القدرات العسكرية للطرفين، النتائج المتوقعة، وآراء الخبراء حول العواقب الجيوسياسية لمثل هذا الصراع.
1. جذور السلام والهواجس الدفينة
بعد حرب أكتوبر 1973، وقّع الطرفان معاهدة سلام برعاية أمريكية، ظلت قائمة رغم تغيّر الحكومات وتبدّل السياسات. ومع ذلك، يظل السلام “باردًا”، خاصة على المستوى الشعبي، وسط انعدام الثقة التاريخي وتباين المصالح.
يشير البروفيسور إفرايم عنبار، الخبير الإسرائيلي في العلاقات الدولية، إلى أن “السلام بين مصر وإسرائيل ليس سلامًا دافئًا، بل هو تعايش بارد يقوم على المصالح الأمنية المشتركة، وخاصة في ملف سيناء ومحاربة الإرهاب”.
من جانب آخر، يقول الخبير المصري في الشؤون الاستراتيجية اللواء محمد الغباري إن “مصر ملتزمة بالسلام لكنها لا تتغافل عن قدرات الردع. القوات المسلحة تطورت بشكل كبير وتخضع لخطط تسليح تراعي كافة السيناريوهات، بما فيها احتمال نشوب صراع إقليمي كبير”.
2. التوازن العسكري: الأرقام والدلالات
مصر:
القوات المسلحة: الأكبر في أفريقيا من حيث العدد (حوالي 450,000 جندي نشط و800,000 احتياطي).
القوة الجوية: تمتلك طائرات رافال الفرنسية، F-16 الأمريكية، وMig-29 الروسية.
البحرية: تشغّل حاملتي مروحيات من نوع ميسترال، وغواصات ألمانية من طراز Type 209.
الدفاع الجوي: شبكة متنوعة تضم أنظمة S-300 الروسية، وأنظمة أمريكية متطورة.
إسرائيل:
القوات المسلحة: تعتمد على جيش عالي التقنية (170,000 جندي نشط، 465,000 احتياطي).
القوة الجوية: F-35 وF-16 مطورة، مع تفوق نوعي في الحرب الإلكترونية.
القبة الحديدية: نظام دفاع صاروخي يتيح اعتراض المقذوفات القصيرة المدى ويفشل أحياناً كما شاهدنا اثناء حرب ٧ اكتوبر .
النووي: تمتلك إسرائيل ترسانة نووية غير معلنة رسميًا، لكن مؤكدة بحسب تقارير استخباراتية غربية.
التحليل العسكري:
رغم التفوق العددي المصري، إلا أن إسرائيل تعتمد على تفوق تكنولوجي ونوعي. أي صراع سيكون مكلفًا ومفتوحًا على مفاجآت قد تفوق الحسابات الأولية.
3. كيف قد تندلع الحرب؟
السيناريوهات المحتملة متعددة، أبرزها:
تصعيد في قطاع غزة يؤدي إلى توتر مباشر بين القاهرة وتل أبيب.
خلافات على الحدود في سيناء أو عمليات إسرائيلية تمس الأمن القومي المصري.
صراع إقليمي أوسع (مثلاً مع إيران أو حزب الله) يستدرج مصر وإسرائيل ضمن تحالفات متعارضة.
يقول الخبير الأمريكي ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية (CFR):
“الجيش المصري اليوم ليس كجيش السبعينات، وإذا تعرض الأمن المصري للتهديد، فقد تتخذ القاهرة إجراءات لا تتوافق مع استراتيجيات الردع الإسرائيلية التقليدية.”
4. النتائج المحتملة لحرب مصرية-إسرائيلية
دمار واسع النطاق في الجانبين، مع احتمال انهيار البنية التحتية في سيناء وجنوب إسرائيل.
تهديد لقناة السويس، ما يؤثر على التجارة العالمية.
اندفاع الجماعات المتطرفة في سيناء وغزة لاستغلال الفوضى.
انقسام المواقف الدولية بين داعم لإسرائيل وآخر لمصر، ما يؤدي إلى أزمة دبلوماسية إقليمية وعالمية.
خطر توسّع الصراع إلى جبهات أخرى، كلبنان أو سوريا أو حتى البحر الأحمر.
5. آراء الخبراء: هل هي حرب ممكنة؟
يرى عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أن “التحالفات الأمنية بين إسرائيل وبعض الدول العربية، بما فيها مصر، تجعل من الحرب خيارًا بعيدًا، لكنها ليست مستحيلة”.
في المقابل، يشير المحلل المصري عبد الله السنّاوي إلى أن “الاضطراب الإقليمي قد يؤدي إلى أخطاء في التقدير أو تحركات عدوانية مفاجئة تؤدي إلى تصعيد سريع”.
خاتمة
رغم هشاشة التوازن في المنطقة، يظل خيار الحرب بين مصر وإسرائيل هو الأسوأ للجميع، وهو ما يجعل من استمرار الحوار السياسي والتنسيق الأمني أمرًا لا غنى عنه.
حرب من هذا النوع لن تكون كالحروب السابقة، بل ستكون كارثة إقليمية بكل المقاييس، تهز الأمن والاقتصاد، وربما تكتب نهاية مرحلة كاملة من التاريخ العربي المعاصر.
المصادر
معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS): www.inss.org.il
موقع مجلس العلاقات الخارجية (CFR): www.cfr.org
تقارير “غلوبال فاير باور” 2025: www.globalfirepower.com
مقابلات مع اللواء محمد الغباري - قناة Extra News، 2024
تحليل ستيفن كوك - Foreign Policy, 2023
تقرير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك