 |
| وكانت شعبية دونالد ترامب في البلدان الأربعة التي شملها الاستطلاع منخفضة بشكل استثنائي، حيث كان لدى ما يصل إلى 80% وجهة نظر غير مواتية تجاه الرئيس الأمريكي. |
أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طرح مبادرة سلام خاصة بالحرب الأوكرانية، تتألف من 28 بنداً، أثارت جدلاً واسعاً على المستوى الدولي، خصوصًا في أوروبا. هذه الخطة تُعد محاولة من واشنطن لإعادة صياغة تسوية سياسية بين روسيا وأوكرانيا، لكن الكثير من الأوروبيين ينظرون إليها بحذر شديد أو يرفضون بعض جوانبها.
ما تتضمنه خطة ترامب للسلام
بعض أبرز بنود الخطة تشمل:
الاعتراف بسيطرة روسيا الواقعية
الخطة تقترح أن تعترف بعض الدول – ومنها الولايات المتحدة – بسيطرة روسيا على أجزاء من أوكرانيا، خاصة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك.
منطقة عازلة
يتم اقتراح إقامة منطقة منزوعة السلاح بالقرب من بعض المناطق المتنازع عليها مثل دونباس، بحيث تُشرف عليها جهات أوروبية، دون مشاركة أمريكية ميدانية كبيرة.
تجميد خطوط المواجهة
الخطة تدعو إلى تثبيت خطوط الجبهة الحالية (خطوط التماس) بدل محاولة استعادة كاملة من قبل أوكرانيا، على أن يتم تجميدها ضمن هدنة طويلة الأجل.
حد من قدرات الجيش الأوكراني
تقترح الخطة خفض عدد جنود أوكرانيا من نحو 880 ألف إلى حوالي 600 ألف مقاتل.
الناتو والانضمام
تطلب الخطة من أوكرانيا أن تتعهد بعدم الانضمام إلى حلف الناتو، وربما تضمّن بنودًا حتى في الدستور الأوكراني بهذا الشأن.
الاعتراف بالقرم
من البنود المثيرة للجدل، أن الولايات المتحدة وبعض الجهات الأخرى قد تعترف “عمليًا” بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم.
ضمانات أمنية
في المقابل، تتعهّد الخطة بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا (من الولايات المتحدة ودول أخرى) في حال انهزام روسيا أو محاولة عدوان مستقبلي.
إعادة إعمار
تقترح الخطة استخدام الأصول الروسية المجمدة من أجل تمويل إعادة إعمار أوكرانيا، مثل تخصيص نحو 100 مليار دولار من هذه الأصول.
التحديات والنقد
الخطة لاقت العديد من الانتقادات، خصوصًا من أوساط أوكرانية وبعض المحللين:
بعضهم يرى أن هذه الخطة بمثابة استسلام سياسي مقنع لأوكرانيا، لأنها تضغط عليها للتنازل عن أراضٍ مهمة مقابل وعود لا تضمن دائمًا عدم تكرار العدوان.
هناك من يشير إلى غياب دور أوروبي واضح في بعض النقاط، مما قد يجعل الخطة هشّة دون ضمانات أوروبية قوية.
من الناحية الأمنية، تقليص الجيش الأوكراني شأن حساس جدًا؛ فالدفاع عن الأرض سيُصبح أصعب إذا قبلت كييف هذا الحد من قدراتها.
كيفية تعامل الجانب الروسي مع الخطة
موسكو أبدت “تحفظًا نسبيًا” لكنها لم ترفض الفكرة بالكامل، معتبرةً أن الخطة قد تشكل قاعدة للمفاوضات.
من جهة أخرى، بعض المسؤولين الروس يقولون إن الخطة تهدف “لإنقاذ أوكرانيا” من الاستنزاف، وهو تفسير سياسي لاستراتيجية رفض طويل الأمد.
بوتين أشار إلى أن هناك حاجة لـ “تطوير إضافي” في الخطة قبل قبولها الرسمي، وأن بعض التفاصيل لم تُناقش بشكل كامل.
الموقف الأوروبي من الخطة
وهنا نقطة محورية: كيف تنظر الدول الأوروبية الكبرى، الاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو إلى هذه المبادرة؟
اجتماعات قادة أوروبا
قادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا يعقدون اجتماعات لبحث الخطة، في إطار ما يُعرف بـ “تحالف الراغبين” لدعم أوكرانيا، للتأكد من أن أي تسوية تأخذ في الاعتبار مصالحهم الأمنية والجيوسياسية.
تعديلات مقترحة على الخطة
عقب محادثات جنيف بين الأميركيين والأوكرانيين والأوروبيين، تم الإعلان عن إطار محدث من الخطة الأصلية يشمل بعض تنقيحات من وجهة نظر كييف وأوروبا.
في النسخة المنقحة، تم التأكيد على “سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها” كشرط لا يمكن التنازل عنه.
الأوروبيون يعملون ليضمنوا أن الخطة لا تتركهم “بمكان المتفرج” فقط؛ أي أنهم يريدون أن يكون لديهم دور نشط في الضمانات الأمنية والتطبيق.
مخاوف أوروبية كبيرة
بعض القادة الأوروبيين يرون بأن الخطة تمنح روسيا مكاسب كبيرة جداً، خاصة الاعتراف بسيطرتها على الأراضي، وقد تشكل “مكافأة” لعدوانها.
هناك قلق من أن الحد من جيش أوكرانيا إلى 600 ألف قد يُضعف قدرتها الدفاعية، وهو أمر لا يتفق مع بعض الدول الأوروبية التي تفضل أن يكون لأوكرانيا قدر كبير من القدرة على الدفاع عن نفسها.
بعض المحللين يشددون على ضرورة وجود “مظلة أوروبية أوسع” (ضمانات أمنية، مشاركة في حفظ السلام، مراقبة، إلخ) لكي تكون أي تسوية ذات مصداقية على المدى الطويل.
ردود سياسية وشعبية
من الناحية الشعبية، استطلاعات في بعض الدول الأوروبية تظهر شكوكاً تجاه نوايا ترامب والخطة، مع خشية من أن أوروبا تُترك لتحمل العبء الأمني دون دور حقيقي في القرار.
بعض الشخصيات الأوروبية (سياسيين سابقين مثلاً) حذّرت من أن قبول الخطة في شكلها الحالي قد يضع أوروبا في موقف “متفرج محاصر” بين موسكو وواشنطن، ويضعف نفوذها الاستراتيجي.
دعم مشروط ومتدرّج
الأوروبيون لا يرفضون كل عناصر الخطة، لكنهم يطالبون بـ “مشاركة فعلية” في صياغة وتنفيذ التسوية، وضمانات تكون قابلة للقياس والتطبيق.
من الناحية النظرية، الخطة تعكس محاولة ربط تسوية سياسية بإعادة بناء الأوضاع بعد الحرب، لكن التنازلات التي تطلب من أوكرانيا كبيرة جدًا، مما يجعلها صعبة من الناحية الداخلية الأوكرانية.
من جهة أخرى، إذا تمكن الأوروبيون من تحويل دورهم من مراقب إلى شريك حقيقي (ضمن مفاوضات السلام)، فذلك قد يعزز من فرص نجاح أي تسوية، لكنه يتطلب توازناً دقيقاً في الضمانات الأمنية والمراقبة.
مخاطرة كبيرة تكمن في أن تكون الخطة مجرد “ورقة سياسية” من ترامب، تهدف لرفع مريدين سياسيين أو إظهار قدرة على الوساطة دون الالتزام الكامل بتنفيذها، خاصة إذا لم تكن هناك رغبـة أوروبية قوية في الضغط من أجل بنود إصلاحية حقيقية.
خطة ترامب للسلام في أوكرانيا تُعد من أكثر المبادرات إثارة للجدل منذ بداية الحرب، لأنها تجمع تنازلات كبيرة من الأوكرانيين في مقابل ضمانات نظرية للحماية.
من جانب أوروبا، هناك تردد واضح: بعض الدول ترى في الخطة فرصة لإنهاء الصراع، لكن كثيرًا منها تشترط المشاركة الفعلية في التفاوض والتنفيذ، وتخشى أن تُحوّل المسألة إلى تسوية بين الولايات المتحدة وروسيا “على حساب أوكرانيا وأمن القارة الأوروبية”.
إذًا، طبيعة الموقف الأوروبي من هذه الخطة هي مزيج من التأييد المشروط والتحفظ القوي، مع رغبة في إعادة صياغة بعض البنود لتكون أكثر توازناً وتضمن حقوق أوكرانيا دون مغادرة أوروبا لدورها كضامن أمني.
المصادر : https://www.theguardian.com/us-news/2025/mar/06/donald-trump-threat-to-peace-ukraine-talks-survey-western-europeans?utm_source=chatgpt.com
https://www.lemonde.fr/en/politics/article/2025/11/23/former-french-president-francois-hollande-trump-s-plan-reduces-europe-s-role-to-a-besieged-bystander_6747747_5.html?utm_source=chatgpt.com
https://www.washingtonpost.com/world/2025/04/25/ukraine-europe-trump-russia-peace-deal/?utm_source=chatgpt.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك