في الخامس عشر من أغسطس 2025 شهدت ألاسكا حدثاً سياسياً لافتاً تمثل في لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، في أول زيارة للرئيس الروسي إلى الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد، وأول قمة من هذا النوع تستضيفها واشنطن منذ عام 2007. جرت القمة في قاعدة عسكرية بولاية ألاسكا وسط مراسم استقبال استثنائية شملت السجادة الحمراء وتحليق مقاتلات إف-22 وقاذفات بي-2 في سماء القاعدة، ما منح اللقاء أجواءً مهيبة تعكس رمزية اللحظة.
استمر الاجتماع المباشر بين الزعيمين ما يقارب ثلاث ساعات، بحضور وفود محدودة ضمت من الجانب الأميركي وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، ومن الجانب الروسي وزير الخارجية سيرغي لافروف ومستشار الرئيس يوري أوشابوف. وبعد انتهاء الجلسة عُقد مؤتمر صحافي مشترك اكتفى فيه الرئيسان بتصريحات تمهيدية دون السماح بطرح أسئلة من الإعلام.
وصف بوتين المحادثات بأنها مفيدة ومفصلة وجرت في أجواء بناءة ومحترمة وشاملة للغاية، في حين أكد ترامب أنه تحقق تقدم كبير لكنه أقر بوجود نقاط لم يتم تجاوزها بعد. وفي تصريح لاحق لقناة فوكس نيوز قال ترامب إن الاجتماع كان جيداً للغاية وإن الطرفين يقتربان من اتفاق، لكنه شدد على أن أوكرانيا لا بد أن توافق عليه. وقد لخص موقفه بعبارتين عكستا الغموض المسيطر على القمة حين قال: لا يوجد اتفاق حتى يكون هناك اتفاق، وأحرزنا بعض التقدم.
رغم الأجواء الإيجابية لم يخرج اللقاء بأي اتفاق رسمي أو التزام واضح بوقف إطلاق النار في أوكرانيا، وهو ما جعل المردود السياسي للقمة محدوداً. فقد رأت أطراف غربية أن بوتين استفاد من حضور القمة لتعزيز صورته الدولية، في حين ظهر ترامب متساهلاً أكثر من اللازم، الأمر الذي أثار انتقادات في واشنطن وبين الحلفاء الأوروبيين. أما أوكرانيا فوصفت على لسان أحد دبلوماسييها اللقاء بأنه محاولة لإحياء الاتحاد السوفييتي عبر تفكيك الديمقراطية الأوكرانية، مؤكدة رفض أي تسوية تتم من دون مشاركة كييف.
الأوروبيون أبدوا بدورهم قلقاً من انعقاد القمة الثنائية من دون إشراكهم، رغم أن ترامب سبق اللقاء باجتماع افتراضي مع الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي وعدد من قادة أوروبا بينهم المستشار الألماني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس وزراء بريطانيا وآخرون، إلا أن غيابهم عن الحدث نفسه أفقدهم القدرة على التأثير المباشر في مساره. وعلى الجانب العربي لم يُسجل أي حضور أو مشاركة مباشرة سواء في القمة أو في التحضيرات المحيطة بها.
وهكذا انتهى اللقاء الذي حظي بتغطية واسعة على مستوى العالم بلا اختراق سياسي أو اتفاق تاريخي، مكتفياً بإشارات عامة حول تقدم محتمل لم تتضح معالمه، مما جعل القمة حدثاً رمزياً أكثر منه تحولاً حقيقياً في مسار الحرب أو العلاقات الدولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك