سعيد النورسي أو بديع الزمان النورسي ولد عام 1876 وتوفي عام 1960 وهو عالم مسلم كردي بارز في العصر الحديث وُلد في قرية نورس شرق الأناضول في ولاية بتليس التابعة للدولة العثمانية وقد لُقب ببديع الزمان أي معجزة العصر كما كان يُدعى بالأستاذ عند أتباعه لما عُرف عنه من ذكاء خارق وسرعة حفظ مدهشة وينحدر من
أصول حسنية حسينية حيث يُنسب والده إلى الحسن بن علي ووالدته إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما أظهر النورسي نبوغًا مبكرًا فحفظ القرآن ودرس عشرات الكتب في سن صغيرة وأكمل منهج المدارس التقليدية في وقت قصير وقد قسم حياته إلى مرحلتين الأولى عُرفت بمرحلة سعيد القديم حيث كان منشغلا بالسياسة والرد على
شبهات حزب الاتحاد والترقي حتى عام 1926 ثم مرحلة سعيد الجديد التي ركز فيها على نشر أفكاره عبر رسائل النور وهي تفسير روحاني للقرآن يعتمد على العقل والمنطق في تقوية الإيمان والعقيدة الإسلامية وقد أسس من خلالها حركة فكرية عُرفت بحركة النور أو النورسية التي سعت إلى الجمع بين العلوم الحديثة وتعاليم القرآن في
مواجهة الجهل والانقسام تميز أسلوبه بالتركيز على المعاني العقائدية والأخلاقية في القرآن أكثر من التفسير اللغوي مستخدما حججًا عقلية وتشبيهات قوية لبيان وجود الخالق تعرض للسجن والنفي عدة مرات بسبب أفكاره التي لم تتفق مع سياسات الدولة التركية الحديثة التي كانت تهدف إلى تهميش الدين لكنه واصل الدعوة والتعليم وترك
إرثًا فكريًا ضخما تجاوز ستة آلاف صفحة في رسائل النور ولا تزال هذه المؤلفات تُدرس بلغات متعددة ويُتابعها ملايين الأتباع حول العالم وبذلك فقد ترك بصمة دينية وفكرية عميقة جمعت بين الأصالة الإسلامية وروح التجديد لمواجهة تحديات العصر
بالنسبة إلى سعيد النورسي، فالمصادر التاريخية والفكرية تجمع على أنه كان سنيًا على المذهب الحنفي ماتريدي العقيدة، ولم يُعرف عنه تشيع أو انتماء إلى فرق مبتدعة، بل كان شديد التمسك بأهل السنة والجماعة، ويكرر في مؤلفاته التوقير للصحابة جميعًا بلا استثناء.
أما عن منهجه فبعض علماء السلفية ـ خاصة في المملكة والخليج ـ انتقدوا منهجه في الاعتماد على التأملات العقلية والذوقية في تفسير القرآن (التفسير المعنوي/الروحاني)، وعدّوا هذا خروجًا عن التفسير بالمأثور أو المنهج السلفي الدقيق.
كما انتقدوا إعلاءه جانب “رسائل النور” كطريق للهداية، بحيث صار بعض أتباعه يعتنون بها كأنها مدرسة مكتفية بذاتها، وهذا اعتُبر غلوًا من بعض المريدين لا منه شخصيًا.
غير أن غالبية العلماء الأتراك والمفكرين في العالم الإسلامي عدّوه مجدّدًا إصلاحيًا سعى لإحياء الإيمان في وقت كان فيه التغريب والعلمنة تهدد المجتمع، ولم يسجلوا عليه خروجًا عقديًا صريحًا.
فيما يخص التشيع، فلا توجد أي دلائل على أنه كان شيعيًا أو متأثرًا بالتشيع، بل العكس تمامًا، كان يؤكد الانتماء الصريح إلى أهل السنة. ربما أصوله الكردية وأسرته التي تُنسب إلى آل البيت جعلت البعض يظن ذلك، لكن مؤلفاته تثبت التزامه بالسنة.
إذن يمكن القول:
منهجه سليم في الجملة، سني حنفي ماتريدي.
لم يُعرف عنه تشيع أو بدعة عقدية.
أكبر الانتقادات تدور حول أسلوبه التأملي العقلي في التفسير، وبعض الغلو الذي وقع فيه بعض أتباعه.
مؤلفاته :
أشهر ما تركه سعيد النورسي هو مجموعته المعروفة بـ “رسائل النور” (Risale-i Nur Külliyatı)، وهي تفسير معنوي إيماني للقرآن الكريم يتجاوز 6000 صفحة، وقد كتبها في ظروف السجن والنفي والمطاردة، وانتشرت بين طلابه سرًا في زمن منع الطباعة.
ومن أبرز كتبه ضمن “رسائل النور”:
الكلمات: يركز على قضايا الإيمان والوجود والتوحيد بأسلوب برهاني.
المكتوبات: مجموعة رسائل فكرية وأجوبة عن أسئلة متنوعة.
اللمعات: في بيان أسرار الإيمان والتأملات القرآنية.
الشعاعات: كتبه في فترات النفي والسجن، ويعرض فيها محاكماته الفكرية ودفاعاته.
إشارات الإعجاز: تفسير لسورة الفاتحة والآيات الأولى من البقرة بأسلوب تحليلي دقيق.
إملاءات رسائل النور: وهي تجميع لما كان يمليه على طلابه.
إضافة إلى ذلك له رسائل مستقلة مثل:
العشر كلمات والثلاثون كلمة (جزء من “الكلمات”)، تعد من أشهر ما يُقرأ له في مسائل التوحيد.
رسالة الحشر: برهان على البعث والآخرة.
رسالة الطبيعة: رد على الدهريين والماديين.
رسالة النور: مقدمة جامعة لأهداف مشروعه.
باختصار، أغلب إنتاجه الفكري اندرج تحت “رسائل النور” التي تُعتبر العمود الفقري لتراثه، وتُدرّس حتى اليوم في مدارس وحلقات خاصة في تركيا والعالم الإسلامي.
هل ترغب أن أضع لك قائمة مختصرة بأهم الموضوعات التي تناولتها رسائل النور (الإيمان، البعث، القدر، أسماء الله، الإعجاز القرآني) ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك