شروط العمل الجديدة لبرنامجي “ميديكيد” و”المساعدة الغذائية”: دفع جمهوري نحو تقليص الإنفاق العام
واشنطن، 16 مايو/أيار 2025 – في تحرّك يعكس أجندة جمهورية تهدف إلى تقليص دور الدولة في برامج الرفاه الاجتماعي، دعا أربعة مسؤولين بارزين في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى فرض شروط عمل أكثر صرامة على المستفيدين من برنامجي “ميديكيد” و”برنامج المساعدة الغذائية التكميلية” (SNAP)، وذلك في مقال رأي نُشر بصحيفة نيويورك تايمز.
الاقتراح ليس جديدًا من نوعه، إذ إنه يأتي امتدادًا لنهج اقتصادي تبنّته إدارة ترامب خلال ولايته، حيث سعى الجمهوريون إلى إعادة هيكلة منظومة الرعاية الاجتماعية من خلال ما وصفوه بـ”تشجيع الاعتماد على الذات” وتقليل ما يرونه “اتكالية على الدولة”.
خلفية الاقتراح الجمهوري
في جلسة عقدها الكونغرس الأربعاء الماضي، قدّم الجمهوريون عناصر رئيسية من حزمة الميزانية المستلهمة من سياسات إدارة ترامب، وتضمنت أبرزها:
فرض متطلبات عمل على مستفيدي “ميديكيد”: وهو برنامج تأمين صحي مخصص لذوي الدخل المنخفض، تموّله الحكومة الفيدرالية بالشراكة مع الولايات.
توسيع متطلبات العمل ضمن برنامج SNAP: الذي يُعد أكبر برنامج للمساعدات الغذائية في الولايات المتحدة، ويخدم أكثر من 40 مليون أمريكي سنويًا.
وفقًا لما ورد في نيويورك تايمز، فإن المسؤولين الأربعة – الذين شغلوا مناصب رفيعة تتعلق بالشؤون الاقتصادية والسياسات الاجتماعية – رأوا أن هذه الإجراءات ضرورية لإصلاح النظام وتحفيز العمالة، كما أنها تُعد جزءًا أساسيًا من خطة تقليص الإنفاق العام بهدف تمويل خفض ضريبي شامل.
الحجج المؤيدة: “العمل كوسيلة للكرامة”
يرى المدافعون عن شروط العمل أنها تمنح الأفراد وسيلة “للخروج من دائرة الفقر” بدلًا من الاعتماد المستمر على المساعدات الحكومية. ويؤكد الجمهوريون أن هذه السياسات ستشجع القادرين على العمل للانخراط في سوق العمل، مما يسهم في رفع الإنتاجية وتقليل العبء على الميزانية الفيدرالية.
يستند هذا التوجه إلى تقييمات سابقة أجراها مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، الذي أشار إلى أن فرض شروط العمل قد يقلل من عدد المستفيدين، وإن لم يُظهر دائمًا تحسّنًا فعليًا في معدلات التوظيف.
الانتقادات والتحذيرات
لكن منتقدي هذه المقترحات، ومنهم الديمقراطيون وجماعات حقوق الإنسان، يحذرون من أن هذه الإجراءات قد تحرم الملايين من الأسر الفقيرة من حق أساسي في الرعاية الصحية والغذاء. وتؤكد مؤسسة كايزر فاميلي (KFF) في تقاريرها أن شروط العمل السابقة التي تم تطبيقها في بعض الولايات أدت بالفعل إلى انخفاض التغطية في “ميديكيد” دون أن تسهم بزيادة ملموسة في التوظيف.
كما أثارت منظمة الغذاء الأمريكية (Feeding America) المخاوف من أن هذه الإجراءات قد تزيد من معدلات الجوع، خاصةً لدى الأطفال وكبار السن والمعاقين الذين قد يواجهون صعوبات في الامتثال للمتطلبات الجديدة رغم استحقاقهم.
البعد السياسي
يمثل هذا التوجه الجمهوري عنصرًا أساسيًا في الصراع الحزبي الأمريكي حول أولويات الإنفاق العام ودور الحكومة في دعم الفئات المهمّشة. في حين يسعى الجمهوريون لتقليص البرامج الاجتماعية لتمويل تخفيضات ضريبية، يصر الديمقراطيون على أن “الأمن الغذائي والرعاية الصحية حقوق إنسانية لا يجب أن تُقيَّد”.
هل سيمر هذا التشريع؟
تمرّ هذه الخطة في سياق سياسي مشحون، خاصة مع اقتراب موسم الانتخابات. نجاحها يعتمد على موازين القوى داخل الكونغرس، وعلى قدرة الجمهوريين على كسب دعم كافٍ بين المستقلين وبعض الديمقراطيين الوسطيين، وهو ما يبدو غير مضمون حتى الآن.
خلاصة
الاقتراح الجمهوري بفرض شروط عمل أكثر صرامة على برنامجي “ميديكيد” و”SNAP” يمثل لحظة حاسمة في النقاش الأمريكي حول العلاقة بين العمل، والكرامة، والدولة. وبين من يرى فيها إصلاحًا ماليًا ضروريًا، ومن يحذّر من تفاقم الفقر والتهميش، تظل النتيجة النهائية رهينة التجاذبات السياسية والانقسامات الأيديولوجية العميقة.
مصادر:
New York Times Opinion – [16 May 2025 Editorial by Trump-era Officials]
Congressional Budget Office Reports (cbo.gov)
Kaiser Family Foundation (kff.org)
Feeding America (feedingamerica.org)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك