تقرير بسيط عن الخدمة الدعوية للعلماء: الشيخ أبو إسحاق الحويني، الشيخ محمد حسان، الشيخ محمد حسين يعقوب
شهدت مصر في العقود الأخيرة صحوة دعوية كبرى كان لها بالغ الأثر في عودة كثير من الناس، وخصوصًا الشباب، إلى الدين والالتزام بالشرع. وكان من أبرز رموز هذه الصحوة ثلاثة من العلماء والدعاة الذين اجتمع لهم الإخلاص، والعلم، والقدرة على التأثير في الجماهير، وهم: الشيخ أبو إسحاق الحويني، والشيخ محمد حسان، والشيخ محمد حسين يعقوب.
قدّم هؤلاء الدعاة خدمات جليلة للدين والدعوة، وبرزوا في ميادين متعددة، كلٌ وفق تخصصه وموهبته، فكانوا حصونًا للعلم الشرعي، ومصابيح هدى في وقت كثرت فيه الفتن.
أولاً: الشيخ أبو إسحاق الحويني
نبذة عامة:
الشيخ أبو إسحاق الحويني، واسمه الحقيقي “حجازي محمد يوسف شريف”، وُلد عام 1956، ويُعد من أبرز علماء الحديث في مصر والعالم الإسلامي، ويُعرف بتخصصه في علم الجرح والتعديل والتحقيق العلمي الدقيق.
جهوده الدعوية:
أعاد إحياء علم الحديث في زمنٍ كان شبه مهجور في مصر، وربّى جيلًا من طلاب العلم على الانضباط العلمي والمنهج السلفي.
له مشاركات علمية واسعة في تصحيح وتحقيق كتب التراث مثل كتب الإمام ابن حجر والذهبي وابن كثير، وكان مرجعًا في تخريج الأحاديث.
قدّم مئات المحاضرات والدروس المنتظمة التي تناولت العقيدة والفقه والسنة، بأسلوب علمي مبسط يجمع بين التأصيل وقرب الطرح من العامة.
من مؤلفاته البارزة: “النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة”، “الفتح المبين في أحاديث سيد المرسلين”، “تحقيق كتاب تنبيه الهاجد”وغيرها.
موقف مشرف:
أثناء مرضه الشديد في إحدى الفترات، ورغم حاجته المادية للعلاج خارج مصر، رفض تلقي أية مساعدات مادية من الناس، وصرّح قائلاً:
“أنا عبد لله، وسأرضى بما قسمه الله لي، لا أبيع ديني ولا علمي، ولو متّ على سرير بسيط.”
وكان هذا الموقف مثالًا في العفة العلمية والزهد في أموال الناس.
ثانيًا: الشيخ محمد حسان
نبذة عامة:
وُلد الشيخ محمد حسان عام 1962، ويُعد من أشهر الدعاة الإسلاميين في مصر والعالم العربي. تميز بخطبه المؤثرة وصوته الجهوري وكلامه المشحون بالروح والحماسة.
جهوده الدعوية:
ترك أثرًا بالغًا في الخطاب الإسلامي الإعلامي، إذ كان من أوائل الدعاة الذين استخدموا الفضائيات الإسلامية بشكل منظم، وكان له برامج ناجحة في قنوات مثل “الناس” و”الرحمة”.
ركّز على الجوانب الإيمانية، ونصرة السنة، والدفاع عن الصحابة والعقيدة الصحيحة.
أسهم في بناء عدد من المعاهد الشرعية، وساهم في تخريج آلاف الطلبة داخل مصر وخارجها.
له مؤلفات مثل: “مسؤولية الدعاة في هذا العصر”، “ليت قومي يعلمون”، “رحماء بينهم”.
موقف مشرف:
في أثناء الثورة المصرية عام 2011، حين اشتدت الانفلاتات الأمنية، خرج الشيخ حسان يخاطب الناس بحكمة وهدوء، داعيًا إلى التهدئة، وحقن الدماء، وعدم الاعتداء على الممتلكات. وظهر على شاشات التلفاز يدعو الجيش والشعب إلى التعاون وحقن الدماء، مما كان له دور إيجابي في كبح الفوضى في كثير من المناطق.
ثالثًا: الشيخ محمد حسين يعقوب
نبذة عامة:
وُلد الشيخ يعقوب عام 1956، ويُعد من أشهر الدعاة في مجال التزكية والسلوك وتهذيب النفس، وله أسلوب مؤثر في الوصول إلى قلوب العامة.
جهوده الدعوية:
ركّزت معظم دروسه على صلاح القلوب، وحب الله، والخشوع، والتوبة، والاستعداد للآخرة.
له حضور واسع في القرى والنجوع، حيث كان يصل إلى الناس الذين لم تصل إليهم الدعوة من قبل.
قدّم آلاف المحاضرات المؤثرة، وكان له دور كبير في إحياء المساجد بالعلم والإقبال على الطاعات.
ألّف كتبًا تربوية مثل: “الصلاة لماذا؟”، “صفات عباد الرحمن”، “فقه الخلاف”.
موقف مشرف:
في إحدى المواقف التي تُذكر له بالخير، دخل أحد الشباب عليه باكيًا وقد أقلع عن الصلاة وانغمس في المعاصي، فاحتضنه الشيخ وقال له:
“ربنا سبحانه أرحم بيك من أمك، ارجع له، والله هيفرح برجوعك أكثر من فرحة أمك برجوعك من السفر.”
هذا الأسلوب المؤثر في احتواء العصاة والتائبين، كان سببًا في عودة الآلاف إلى طريق الله.
الخاتمة:
لقد قدّم هؤلاء العلماء الثلاثة خدمة دعوية عظيمة، كل في مجاله وبطريقته، وكان لهم تأثير بالغ على وعي الناس والتزامهم. فبينما مثّل الشيخ الحويني نموذجًا للعلم والتحقيق، كان الشيخ حسان رمزًا للخطابة الدعوية الجماهيرية، وجسّد الشيخ يعقوب روح التربية الإيمانية.
ورغم ما تعرضوا له من تضييق أو نقد، فإن أثرهم باقٍ في آلاف القلوب والعقول التي تأثرت بدروسهم وكلماتهم وكتبهم. ويظل ما قدموه من خدمة دعوية شهادة لهم أمام الله وذكرى طيبة بين الناس.
بارك الله فيهم وأحسن اليهم
ردحذف